الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

بشارة يرث .. ومحمد لايرث





على مدار قرنٍ من الزمان عاشت المجتمعات المسلمة في المنطقة العربية خصوصاً وفي العالم
 عموماً مغيبةً ومهمشةً بل مظلومة و مسلوبةً حريتها لا يُرفع لها راية ولا يُسمح لها بممارسة أبسط  حقوقها المشروعة.

 لقد عاشت أجيالنا على أكاذيبٍ هنا ومهازلَ هناك من استقلالٍ أفسد حال الشعوب وأعادها الى عصور ما قبل الجاهلية إلى مقاومةٍ لم تُحارَب فيها إلا الشعوب نفسها ، لتجلب عليها الفقر  والتخلف والضياع ، و كل ذلك بإسم إرادة الشعوب ، كذباً وزوراً على لسانهم من قبل حكامٍ  متسلطين و جُهالاً بثوبِ ملوكٍ  للمحافظة على كرسيٍ للحكم. فما لبث أن استدار الزمان ليجد كل ظالمٍ نفسه قابعاً في سجن الذل أو في منفى المهانةِ واخرٌ طريداً لا ملجأ له ولامنجى.

إلا أن معظم شعوب المنطقة الجريحة كان ليصدق بعض هذه الأكاذيب بسبب ما لحق بهم من حرب التجهيل اللامحدودة المُعلنة منذ سقوط الخلافة الإسلامية بقيادة بني عثمان. أما اليوم فلم يعد بإمكان من تبقى من هذه الزمرة السير على خطى قرناء الماضي بالكذب لإخفاء مآربهم ، فلقد بانت عوراتهم وادعائاتهم الكاذبة و سقطت كل الأقنعة من على وجوه المُقنّعين وظهرت الحقيقة  ليصبح كل منافقٍ منهم يدعو لمنهجه و يُبيح عن ما في سريرته.

إذا نظرنا لخريطة المشرق العربي سنراها مقسمةً إلى طوائفَ ومذاهبَ وحتى دياناتٍ متعددة ، فهذا علمانيٌ يدعو للادينية وفصل الدين عن الدولة ، وهذا ليبرالي ينادي بالحرية المُفرطة مُطلِقاً العنان لعقله في تشريع قوانينَ تخدم هواه ، وذاك مجوسيٌ شعوبيٌ يدعو لولاية الفقيه وعبادة أئمة الضلال وأخيراً وليس آخراً مسيحي يدعو لحفظ حقوق الأقليات على حساب الأكثرية مهما كلف الثمن.
فهل من العدل أن نرى كل هذه التيارات والطوائف تتخذ لنفسها خيارات ومواقفَ واضحةً تتحدى فيها الأكثرية غير مكترثةٍ بعواقب خطواتها فارضةً وجودها شاء من شاء و أبى من أبى ، فيُغض الطرف تارةً عن رجل الدين المجوسي الداعي لولاية الفقيه كنظاماً للحكم ، فما نلبث قليلاً ليخرج علينا كبير الكنيسة المارونية اللبنانية يتكلم بالسياسة ويعمل لفرض مشاريع للمشاركة على مبادئه ويدعو لمناصرة طغاةٍ أفسدوا البلاد قبل العباد زاعماً أنهم من يحمون وجوده وطائفتهُ متجاهلاً أنه رجل دين معنيٌ بالوعظ لا بالسياسية.


بالكلام عن كل هذه الطوائف والمشارب المختلفة التي تعتبر هي الأقلية ، لم نتطرق بعد لمتطلبات وحقوق وتطلعات الأكثرية التي تمثل ديموغرافيا المنطقة الحقيقية ألا وهي الأكثرية السُنيّة ، أم أنه غير مسموحٍ إطلاقاً الحديثُ بأن يكون لهذه الأكثرية مواقفَ واضحةً  مبنيةٌ على مبادئ لا لبس فيها  من شأنها صناعةُ مستقبلها ويكون لها دورٌ بعد عقودٍ من الظلم والقهر.
المفارقة الواضحة أن توجهاً كهذا يُوصم بالتطرف ويُتهم بالطائفيةِ ، بينما يتكلم من تلك الأقليات من شاء ما شاء لتُبرّر تلك المواقف بعد ذلك بألبق التعابير وتُصنّف على أنها مشروعة وحضارية تتسق مع دعوى النضج العقلي للحفاظ على حق الأقليات ، فبشارة يرث ... ومحمد لايرث.
إن الواقع الجديد الذي تُعايشُه المنطقة من اضطراباتٍ بعد الأحداث الأخيرة أفرز معسكراتٍ واصطفافات تنبؤ بأن لا عودة في الخيارات وأن المصير قد يتحدد من تلك الخيارات فليبحث كلٌ عن خياره ولِيُحدِّد مصيره التاريخي بناءًا على مواقفه.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق